1.لماذا لا أمتلك الثقة بالنفس؟
لماذا لا أمتلك الثقة بالنفس؟
نادراً ما يكون هناك سبب واحد لفقدان الثقة بالنفس؛ بل تتعدد الأسباب وتختلف من شخص لآخر. سأستعرض في ما يلي بعض الأسباب الشائعة التي تساعدك على فهم سبب انعدام ثقتك بنفسك، مما سيسهل عليك إيجاد الحلول:
1. التربية الخاطئة لا يمكن لأحد أن يقلل من التضحيات التي يقدمها الآباء في تربية أبنائهم، سواء من السهر أو العمل المتواصل أو الحب غير المشروط. ومع ذلك، علينا أن نتذكر أن الآباء بشر وقد يخطئون دون أن يدركوا ذلك. قد يكون بعض تلك الأخطاء ناتجاً عن الخوف الزائد على الأبناء ومحاولة حمايتهم من كل ما قد يواجههم في هذا العالم، مما يحرمهم من الفرصة لتحمل المسؤولية وخوض التجارب. هذا الأمر قد يؤدي إلى زعزعة ثقة الأبناء بأنفسهم. بالطبع، لا أتحدث هنا عن المواقف التي تستدعي تدخل الآباء، مثل حالات التحرش أو الأذى الجسيم.
إضافة إلى ذلك، قد يتبع بعض الآباء نهج النقد الدائم بهدف رفع مستوى أبنائهم. وعلى الرغم من أن هذا النقد ينبع من نية إيجابية، إلا أنه قد يؤدي إلى تقليل ثقة الطفل بنفسه، مما يؤثر سلباً عليه لفترات طويلة من حياته.
2. النظرة السلبية للذات تُعد هذه من أكثر الأسباب شيوعاً لانعدام الثقة بالنفس. فخلال مسيرة حياة الإنسان، يمر بتجارب إيجابية وسلبية تشكل طريقة تفكيره. النظرة السلبية للذات تنشأ عندما يقوم الشخص بالتركيز على تجاربه السلبية، ويعمق أثرها في نفسه، ثم يعمم تلك التجارب لتصبح جزءاً من شخصيته.
على سبيل المثال، كان لدي صديق ابنه تامر، في نهاية المرحلة الإعدادية، دائماً ما يقول إنه لا يفهم الرياضيات ويعتقد أن عقله غير قادر على استيعابها. كان يردد باستمرار: “أنا غبي في الرياضيات”. ودار بيني وبينه هذا الحوار:
- تامر: أنا أعلم أنني غبي في الرياضيات، ولا أتوقع النجاح في الامتحان.
- أنا: دائماً ما تكرر هذه العبارة، لكن لماذا؟ هل قام الطبيب بتشخيصك بأنك غير قادر على فهم الرياضيات؟
- تامر (يضحك): لا.
- أنا: هل كانت درجاتك في المرحلة الابتدائية متدنية في الرياضيات؟
- تامر: لا، فقط في السنة الماضية.
- أنا: إذن لقد حصلت على درجات جيدة في الرياضيات طوال سبع سنوات، وفي السنة الثامنة حصلت على درجات متدنية؟ وهل حكمت على نفسك بسبب تجربة واحدة بأنك غير قادر على النجاح في الرياضيات؟
هذا الحوار البسيط جعل تامر يكتشف سبب نظرته السلبية تجاه نفسه في موضوع الرياضيات. مثل هذه المحادثات توضح الطريقة التي يفكر بها الأشخاص الذين يحملون نظرة سلبية لأنفسهم. فتجربة سلبية واحدة قد تدفعهم إلى تعميم الفشل على أنفسهم بشكل كامل.
مقارنة النفس بالآخرين
هناك أشخاص في هذا العالم يرون أنفسهم في منافسة دائمة مع الجميع، ساعين لإثبات أنهم الأفضل، الأذكى، الأقوى، الأجمل… وهكذا. هذا النمط من التفكير لا يجلب سوى خيبات الأمل المتكررة، مما يؤثر سلباً على ثقة الشخص بنفسه. الحقيقة هي أنه مهما كنت متميزاً، ستجد دوماً من هو أفضل منك في جانب ما. تزداد الأمور سوءاً عندما تقارن نفسك بشخصيات خيالية في الأفلام أو المسلسلات.
مهما كنت جميلاً، هناك من هو أجمل. مهما كنت قوياً، هناك من هو أقوى. مهما كنت ذكياً، هناك من هو أذكى.
تقبّل هذه الحقيقة، وستجد أن حياتك أصبحت أسهل بكثير، وستتفادى العديد من خيبات الأمل. إذا كنت ممن يشعرون بالحسد تجاه مواهب الآخرين أو ممتلكاتهم، حاول أن تجعل من عادة تهنئتهم، مسبوقة بعبارة “ما شاء الله”. إذا وجدت هذا صعباً في البداية، جرب أن تبدأ بتهنئة الشخص في داخلك، ثم انتقل تدريجياً إلى التهنئة العلنية. بعد شهر أو شهرين من اتباع هذه العادة، ستشعر بتحسن كبير في نفسك.
الاعتراف بمواهب الآخرين وقدراتهم لا يقلل من شأنك، بل يمنحك ثقة أكبر في عيون الآخرين وفي نفسك.
عدم معرفة الشخص لنفسه
عدم معرفة الشخص بقدراته الحقيقية يجعله يخوض تجارب أو يدخل في مواقف قد لا يكون مهيئاً للتعامل معها. الفشل في مواجهة هذه المواقف قد يؤدي إلى تراكم التجارب السلبية التي تضعف الثقة بالنفس وتقلل من قدرة الشخص على النجاح في المستقبل.
التأثر بانتقادات الآخرين
لا يمكن إنكار أن العالم مليء بالأشخاص الذين يجدون متعة في انتقاد الآخرين وإضعاف ثقتهم بأنفسهم. إذا لم تكن لديك المهارة اللازمة للتعامل مع هذه الانتقادات، ستجد نفسك عرضة لتأثيراتها السلبية. ومع مرور الوقت، ستبدأ هذه الانتقادات بالتسلل إلى عقلك، مما يؤدي إلى زعزعة ثقتك بنفسك.
ما هو الحل لهذه المشاكل؟
قد يظن البعض أن اكتساب الثقة بالنفس أمر مستحيل، ولكن هذا غير صحيح. لم يثبت علمياً أن الثقة بالنفس تولد مع الإنسان. إن انعدام الثقة بالنفس له أسباب يمكن معالجتها، وإذا تمت معالجتها بشكل صحيح، فإن الثقة بالنفس قابلة للاكتساب من جديد.
في الصفحات القادمة من هذا الكتاب، ستجد حلولاً عملية ومناسبة لمختلف الظروف والأوقات التي يمكنك من خلالها بناء وتعزيز ثقتك بنفسك إلى مستويات لم تكن تتوقعها. ستشعر بالثقة تنبع من داخلك وتنعكس على تصرفاتك بوضوح. بعد اتباع الإرشادات هنا، ستتغير نظرتك إلى نفسك ونظرة الآخرين إليك. ستدخل أي مكان غريب بثقة وتبدأ في بناء العلاقات والتحدث مع الآخرين بطلاقة. حتى الأشخاص الذين انتقدوك سابقاً قد يعتذرون لك، وسيرى الجميع فيك شخصاً واثقاً من نفسه.
بالطبع، لن يحدث ذلك دون بذل جهد. لكن الجهد الذي ستبذله في الأيام القادمة لا يُقارن بالجهد الذي قد تضطر لبذله طوال حياتك في تقبل الخسارات المتتالية الناتجة عن انعدام ثقتك بنفسك.